27‏/6‏/2011

من روائع الشعر العربي: معلّقة طرفة بن العبد


لخولة أطلالٌ ببرقة ثهمد***تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد
بروضة دعميٍ فأكناف حائلٍ***ظللت بها أبكي وأبكي إلى الغد
وقوفاً بها صحبي علي مطيهم***يقولون لا تهلك أسىً وتجلد
كأن حدوج المالكية غدوةً***خلايا سفينٍ بالنواصف من دد
عدوليةٌ أو من سفين ابن يامنٍ***يجور بها الملاح طوراً ويهتدي
يشق حباب الماء حيزومها بها***كما قسم الترب المفايل باليد
وفي الحي أحوى ينقض المرد شادنٌ***مظاهر سمطي لؤلؤٍ وزبرجد
خذولٌ تراعى ربرباً بخميلةٍ***تناول أطراف البرير وترتدي
وتبسم عن ألمى كأن منوراً***تخلل حر الرمل دعصٌ له ند
سقته إياة الشمس إلا لثاثه***أسف ولم تكدم عليه بإثمد
ووجهٍ كأن الشمس ألقت رداءها***عليه نقي اللون لم يتخدد
وإني لأقضي الهم عند احتضاره***بعوجاء مرقالٍ تروح وتغتدي
أمونٍ كألواح الإران نسأتها***على لاحبٍ كأنه ظهر برجد
جماليةٌ وجناء تردي كأنها***سفنجةٌ تبري لأزعر أربد
تباري عتاقاً ناجياتٍ وأتبعت***وظيفاً وظيفاً فوق مورٍ معبد
تربعت القفين في الشول ترتعي***حدائق موليٍ الأسرة أغيد
تريع إلى صوت المهيب وتتقي***بذي خصلٍ روعات أكتف ملبد
كأن جناحي مضرجيٍ تكنفا***حفافيه شكا في العسيب بمسرد
فطوراً به خلف الزميل وتارةً***على حشفٍ كالشن ذاوٍ مجدد
لها فخذان أكمل النحض فيهما***كأنهما بابا منيفٍ ممرد
وطيٌ محاٍل كالحني خلوقه***وأجرنةٌ لزت بدأيٍ منضد
كأن كناسي ضالةٍ يكنفانها***و أطر قسيٍ تحت صلبٍ مؤيد
لها مرفقان أفتلان كأنها***يمر بسلمي دالجٍ متشدد
كقنطرة الرومي أقسم ربها***لتكتنفن حتى تشاد بقرقد
صهابية العثنون موجدة الفرا***بعيدة وخد الرجل موارة اليد
أمرت يداها فتل شزرٍ و أجنحت***لها عضداها في سقيفٍ مسند
جنوحٌ دفاقٌ عندك ثم أفرغت***لها كتفاها في معالى مصعد
كأن علوب النسع في و أياتها***موارد من خلقاء في ظهر قردد
تلاقى و أحياناً تبين كأنها***بنائق غر في قميصٍ مقدد
و أتلع نهاضٌ إذا صعدت به***كسكان بوصيٍ بدجلة مصعد
و جمجمةٍ مثل الفلاة كأنما***وعى الملتقى منها إلى حرف مبرد
وخد كقرطاس الشآمي و مشفرٌ***كسبت اليماني قده لم يجرد
و عينان كالماويتين استكنتا***بلهفي حجاجي صخرةٍ قلت مورد
طحوران عوار القذى فتراهما***كمكحولتي مذعورةٍ أم فرقد
و صادقتا سمع التوجس للسرى***لهجس خفيٍ أو لصوت مندد
مؤللتان تعرف العتق فيهما***كسامعتي شاةٍ بحومل مفرد
و أروع نباضٌ أحد ململمٌ***كمرداة صخرٍ في صفيحٍ مصمد
و إن شئت سامى واسط الكور رأسها***و عامت بضبعيها نجاء الحفيدد
و إن شئت لم ترقل و إن شئت أرقلت***مخافة ملوي من العد محصد
و أعلم محزوتٌ من الأنف مارنٌ***عتيق متى ترجم به الأرض تزدد
إذا أقبلت قالوا تأخر رحلها***وإن أدبرت قالوا تقدم فاشدد
وتضحي الجبال الحمر خلفي كأنها***من البعد حفت بالملاء المعضد
وتشرب بالقعب الصغير وإن تقد***بمشفرها يوماً إلى الليل تنقد
على مثلها أمضي إذا قال صاحبي***ألا ليتني أفديك منها وأفتدي
وجاشت إليه النفس خوفاً وخاله***مصاباً ولو أمسى على غير مرصد
إذا القوم قالوا من فتىً ؟خلت أنني***عنيت فكم أكسل ولم أتبلد
أحلت عليها بالقطيع فأجذمت***وقد خب آل الأمعز المتوقد
فذالت كما ذالت وليدة مجلسٍ***تري ربها أذيال سحلٍ معدد
ولست بحلال التلاع مخافةً***ولكن متى يسترفد القوم أرفد
وإن تبغني في حلقة القوم تلقني***وإن تقتنصني في الحوانيت تصطد
متى تأتني أصبحك كأساً رويةً***وإن كنت عنها غانياً فاغن وازدد
وإن يلتق الحي الجميع تلاقني***إلى ذروة البيت الكريم المصمد
نداماي بيض كالنجوم وقينةٌ***تروح علينا بين بردٍ ومجسد
رحيب قطاب الجيب منها رقيقةٌ***بجس الندامى بضة المتجرد
إذا نحن قلنا أسمعينا انبرت لنا***على رسلها مطروقةً لم تشدد
إذا رجعت في صوتها خلت صوتها***تجاوب آظآرٍ على ربعٍ رد
وما زال تشرابي الخمور ولذتي***وبيعي وإنفاقي طريفي ومتلدي
إلى أن تحامتني العشيرة كلها***وأفردت إفراد البعير المعبد
رأيت بني غبراء لا ينكرونني***ولا أهل هذاك الطراف الممدد
ألا أيهذا اللائمي أحضر الوغى***وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدي
فإن كنت لا تسطيع دفع منيتي***فدعني أبادرها بما ملكت يدي
ولولا ثلاثٌ هن من عيشة الفتى***وجدك لم أحفل متى قام عودي
ومنهن سبقي العاذلات بشربةٍ***كميتٍ متى ما تعل بالماء تزبد
وكريٌ إذا نادى المضاف محنباً***كسيد الفضا بنهته المتورد
و تقصير يوم الدجن و الدجن معجبٌ***ببهكنةٍ تحت الخباء المعمد
كأن البرين و الدماليج غلقت***على عشرٍ أو خروعٍ لم يحضد
ذريني أروي هامتي في حياتها***مخافة شربٍ في الحياة مصرد
كريمٌ يروي نفسه في حياته***ستعلم : إن متنا غداً أينا الصدي
أرى قبر نخامٍ بخيلٍ بماله***كقبر غويٍ في البطالة مفسد
ترى جثوتين من ترابٍ عليهما***صفائح صمٌ من صفيحٍ منضد
أرى الموت يعتام الكرام و يصطفي***عقيلة مال الفاحش المتشدد
أرى الموت يعتاد النفوس و لا أرى***بعيداً غداً ما أقرب اليوم من غد
أرى العيش كنزاً ناقصاً كل ليلةٍ***و ما تنقص الأيام و الدهر ينفد
لعمرك إن الموت ما أخطأ الفتى***لكالطول المرخى و ثنياه باليد
متى ما يشأ يوماً يقده لحتفه***و من يك في حبل المنية ينقد
فما لي أراني و ابن عمي مالكاً***متى أدن منه نيأ عني و يبعد
يلوم و ما أدري علام يلومني***كما لامني في الحي قرط بن معبد
و أيأسني من كل خيرٍ طلبته***كأنا وضعناه إلى رمس ملحد
على غير ذنبٍ قلته غير أنني***نشدت فلم أغفل حمولة معبد
و قربت بالقربى و جدك إنني***متى يك أمرٌ للنكيثة أشهد
و إن أدع للجلى أكن من حماتها***و إن يأتك الأعداء بالجهد أجهد
و إن يقذفوا بالقذع عرضك أسقهم***بكأس حياض الموت قبل التهدد
بلا حدثٍ أحدثته و كمحدثٍ***هجائي و قذفي بالشكاة و مطردي
فلو كان مولاي امرءاً هو غيره***لفرج كربي أو لأنظرني غدي
و لكن مولاي امرؤ هو خانقي***على السكر و التسآل أو أنا مفتد
و ظلم ذوي القربى أشد مضاضةً***على المرء من وقع الحسام المهند
فذرني و خلقي إنني لك شاكرٌ***و لو حل بيتي نائياً عند ضرغد
فلو شاء ربي كنت قيس بن خالدٍ***و لو شاء ربي كنت عمرو بن مرثد
فأصبحت ذا مالٍ كثيٍر و زارني***بنونٌ كرامٌ سادةٌ لمسود
أنا الرجل الضرب الذي تعرفونه***خشاشٌ كرأس الحية المتوقد
فآليت لا ينفك كشحي بطانةً***لعضبٍ رقيقٍ الشفرتين مًهند
حسامٌ إذا ما قمت منتصراً به***كفى العوذ فيه البدء ليس بمعضد
أخي ثقةٍ لا ينثني عن ضريبةٍ***إذا قيل مهلاً قال حاجزه قدي
إذا ابتدر القوم السلاح وجدتني***منيعاً إذا ابتلت بقائمه يدي
وبرك هجودٍ قد أثارت مخافتي***بواديها أمشي بعضبٍ مجرد
فمرت كهاة ذات خيفٍ جلالةٌ***عقيلة شيخٍ كالوبيل بلندد
يقول وقد ثر الوظيف وساقها***ألست ترى أن قد أتيت بمؤيد
وقال : ألا ماذا ؟ ترون بشاربٍ***شديدٍ علينا بغيه متعمد
وقال ذروه إنما نفعها له***وإلا تكفوا قاصي البرك يزدد
فظل الإماء يمتللن حوارها***ويسعى بها بالسديف المسرهد
فإن مت فانعني بما أنا أهله***وشقي علي الجيب يا ابنة معبد
ولا تجعليني كامريء ليس همه***كهمي ولا يغني غنائي ومشهدي
تبطيء عن الجلى سريعٍ إلى الخنا***ذلولٍ بأجماع الرجال ملهد
ولو كنت وغلاً في الرجال لضرني***عداوة ذي الأصحاب والمتوحد
ولكن نفى الأعادي جرأتي***عليهم وإقدامي وصدقي ومحتدي
لعمرك ما أمري علي بغمةٍ***نهاري ولا ليلي علي بسرمد
ويومٍ حبست النفس عند عراكه***حفاظاً على عوراته والتهدد
على موطنٍ يخشى الفتى عنده الردى***متى تعترك فيه الفرائض ترعد
أرى الموت لا يرعى على ذي جلالةٍ***وإن كان في الدنيا عزيزاً بمقعد
وأصفر مضبوحٍ نظرت حواره***على النار واستودعته كف مجمد
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً***ويأتيك بالأخبار من لم تزود
ويأتيك بالأخبار من لم تبع له***بتاتاً ولم تضرب له وقت موعد
لعمرك ما الأيام إلا معارةٌ***فما اسطعت من معروفها فتزود
ولا خير في خيرٍ ترى الشر دونه***ولا نائلٍ يأتيك بعد التلدد
عن المرء لا تسأل وأبصر قرينه***فكل قرينٍ بالمقارَن يقتدي
لعمرك ما أدري و إني لواجل***أفي اليوم إقدام المنية أم غد ؟
فإن تك خلفي لا يفتها سواديا***و إن تك قدامي أجدها بمرصد
إذا أنت لم تنفع بودك أهله***و لم تنك بالبؤسى عدوك فابعد
لا يرهب ابن العم ما عشت صولتي***و لا أختني من صولةٍ المتهدد
و إني و إن أوعدته أو وعدته***لمختلفٌ إيعادي و منجز موعدي