24‏/11‏/2011

يزن معجب بشارب مياو

يجلس يزن على الأريكة وبقربه مياو نائمة. يحاول يزن أن يتابع باهتمام برنامجه المفضل في التلفزة، غير أنه لا يستطيع التركيز. يقرر أن يطلب من والده اللعب معه. ينهض فتتبعه مياو وهي تمط جسمها الناعم وتتثاءب. عدنان في الحمام ، يحلق ذقنه بعناية. يتأمل يزن والده بصمت ثم يناديه:
- بابا..
- نعم. يجيبه عدنان محاولا ألا يجرح نفسه
- بابا لماذا تحلق ذقنك؟
توقف عدنان عن الحلاقة، نظر لنفسه في المرآة، ثم التفت الى يزن مبتسما، وأجابه:
- لأنني رجل.. أنا أحلق ذقني لأنني رجل.
صمت يزن قليلا ثم سأل:
- يعني أن ماما لا تحلق ذقنها مثلك؟
- طبعا، أجابه عدنان، فهي أنثى والإناث عادة لا تنبت لهن ذقون.
صمت يزن مجددا، ثم سأل:
- بابا، لماذا إذن ينبت لمياو ذقن في حين أنها أنثى؟
- حسن، قال عدنان وهو يضع الفوطة على كتفه، معك حق، لكن الشعرات الطويلة التي وجه مياو تختلف عن ذقني
- وكيف ذلك يا بابا؟
- لأن شارب مياو وكل القطط ليس للزينة مثلما هو الحال بالنسبة إلى الرجال
- وما نفعه إذن هذا الشارب؟
- القطط وعديد الحيوانات الأخرى تعتمد كثيرا على شاربها في التنقل والحركة
يضحك يزن مما سمعه، ويقول:
- إن ذلك مضحك يا بابا، هل تمشي القطط بشواربها؟
- هي لا تستعمله في المشي يا عزيزي، فلديها أربعة قوائم، وإنما يمكّنها شاربها من الإحساس بالأشياء من حولها..
- إن ذلك غريب حقا، قال يزن مندهشا، كيف تحس مياو بفضل شواربها؟
وضع عدنان يده على كتف يزن، وخرجا من الحمام نحو الصالون، تتبعهما مياو، وهي تتمسح بهما.
قال عدنان:
- اسمع يا عزيزي، تعرف أنني أستعمل نظارة طبية لأتمكن من القراءة ورؤية الأشياء بوضوح
- أجل أبي، وماما كذلك ترتدي نظارات طبية
- جيد جدا، تعرف إذن بأن هنالك أناس بحاجة للاستعانة بنظارات طبية مناسبة لتوضيح رؤيتهم
- نعم بابا
- القطط كذلك، تعتمد على شواربها لتتمكن من تقدير الأشياء من حولها
- انه شيء مذهل، يعني أن مياو ترى من خلال شاربها؟ إنه لأمر مدهش
- ليس تماما يا يزن، إن مياو تستعمل ذقنها ككشاف خلال الظلام، فتتمكن من التحرك من دون الاصطدام بالأشياء، ويساعدها بالخصوص في تقدير حجم المكان الذي تريد أن تدخل إليه.
- وكيف ذلك يا بابا؟ سأل يزن وهو يداعب مياو
- عندما يلمس شارب مياو جوانب حفرة ما، فإن ذلك يعني بأن هذه الحفرة ضيقة، ولا تتسع له، وأن هنالك إمكانية لتعلق داخلها.
- فهمت. يعني إذا لم تلمس شواربها جوانب الحفرة تتأكد أنها تتسع لها ويمكنها اقتفاء أثر الفئران
- بالضبط، يعني تعتمد القطط على شواربها لتحديد امكانيات مرورها من الأماكن الضيقة، وهو عضو هام بالنسبة إليها، لو فقدته، صعب عليها التنقل بخفة من مكان إلى آخر وقد تعلق في حفرة ضيقة
- حسن يا أبي، سأوصي مياو بألا تحلق شاربها أبدا
- يضحك عدنان، ويربت على رأس يزن، في حين يأتي صوت درصاف من غرفة النوم:
- عدنان، أرجوك ساعدني على قفل هذا الفستان، إنه يبدو ضيقا جدا...
ابتسم عدنان، في حين قال يزن بجدية
- أعتقد أنه على ماما أن تستعير شوارب مياو، لتعرف إن كان الفستان يناسبها أم لا قبل أن ترتديه...
روضة السالمي، تونس، 2005