9‏/10‏/2012

أزرق رمادي كالتفاح

ما تزال التفاحات الخمس تتدلى من الشجرة. 
 تعاقبت علينا سنوات القيظ وأعقبتها سنوات الطوفان. وعاود القيظ الكرّة ومن بعده الطوفان. 
هبّت الريح فتحركت الدواليب. وسكنت الريح فهمدت الدواليب. وعصفت الريح مجدّدا، فدارت، وطحنت، ثم سكنت عندما سكنت الريح. شدت العصافير وصمتت. طارت وغرّدت. ثم سقطت منهكة وصمتت. 
بزغت علينا الشمس وغربت. وتداولتنا الأيام والليالي. حبونا ومشينا. تعثّرنا وسقطنا. نهضنا ومشينا مجدّدا. انبطحنا واستقمنا. نمنا وصحونا. وعدنا لننام. خرجنا، ودخلنا. وصلنا وقطعنا ثم وصلنا. وواصلنا القطع بعد القطع والوصل بعد الوصل. والتفاحات الخمس متشبثات بالشجرة. 
تحوّل لونها من الأخضر إلى الأصفر. ومن الأصفر إلى الوردي. ومن الوردي إلى الأحمر. 
ينعت واستدارت. امتلأت ونضرت. ثمّ هرمت وانكمشت. وضمرت وشحبت. وتحوّل لونها إلى أزرق رمادي، وما زالت متدلية من الشجرة. متعلّقة بأهدابها. 
لم تسقطها ريح. ما هزّتها نسمة. ولا بللتهّا قطرة ندى. 
سكن الدود مكان القلب. ذرّة ما داخلها أنبتت دودة أولى. انقسمت خلاياها فكوّنت دودة أخرى، فأخرى. وتحولت التفاحات الخمس إلى كيس ديدان معلّق بالشجرة. 
دارت الأرض كما قدّر لها. وأنهى القمر دورته. وواصلت الشمس احتراقها. والتفاحات الخمس المتدليات من الشجرة ينتظرن يدا تقطف الإطار الخشبي القديم المعلّق في غرفتي المهملة. 
روضة السالمي - تونس، مجموعة أبعد من اللون