29‏/10‏/2012

ألوان للحياة

الأحمر كلّ ثلاث ساعات بالتناوب مع البرتقالي. الأصفر والأخضر قبل النوم. الأبيض في الصباح على الريق. الأزرق قبل النوم. في الحجرة ساعة دائرية على الحائط بعقارب فضية. سرير لشخصين. منضدة. ونافذة عليها ستائر سميكة تحجب نور الشمس وعتمة الليل.
ينفث الحساء البني الخاثر بخاره. فيما ترقد تفاحة مقلّمة على الطبق اللامع، بجوار شريحة دائرية من الخبز، لا يتعدّى سمكها ثلاث سنتيمترات، تنتظر من يقضمها. يغطي صدره بالمنديل الوردي كي لا ينسكب الحساء على اللحاف المرقّط. تمسك يده الملعقة. الطبق أمامه في الانتظار.
وعندما تعانق العقربان الفضيان تمام منتصف النهار، بدأ يتناول طعامه، بكلّ عزم. بكل يقين. بكلّ إيمان بأنه لو بقي على هذا النظام وحافظ على المواعيد، واتبّع التوصيات، فسيصبح بحال أفضل. وقد يمتدّ به العمر طويلا. أطول من التوقّعات.
الأحمر والبرتقالي لتلك المنطقة عند الحدود الفاصلة ما بين الفقرات الصدرية والفقرات القطنية. والأصفر والأخضر لتلافي القرح والنزيف المعدي التي يسبّبها كلّ من الأحمر والبرتقالي. أما الأبيض فعلى الريق، لتفادي أعراض آلام الرأس، والإغماء ونقص الشهية. والأزرق عندما يحين موعد نومه، أي عند السابعة والنصف مساء، إذ يجب أن ينام مبكّرا، ليتمكّن من تناول دوائه الأحمر والبرتقالي في موعده، مرّة كلّ ثلاث ساعات.
ينظر إلى منضدته التي تغصّ بالعلب والقوارير الزجاجية، فيشعر بأن سعادته لم تكتمل بعد. تنقصه أمراض لم يشخّصها طبيبه بعد، حتى يجد عدّوا جديدا يحاربه بكلّ بسالة، ليستحق عمره المديد.
روضة السالمي، مجموعة أبعد من اللون