20‏/2‏/2015

قرف

كان يجلس على عتبة باب المسجد التي هرمت و تآكلت أطرافها مئذنته, يمدّ رجله العرجاء أمامه كسيف ثلمت ذؤابته, يداعب خشب العكّاز الذي اسود لونه بيده اليمنى, بينما ترقد يده الأخرى ذات الأصابع المتشنجة على حجره و يظلّ ينظر إلى مناطق آهلة بعيدة ذات اتجاهات ممكنة.
لا أحد يعرف من أين جاء و لا إلى أين يأوي حين تبدأ خيوط النور العنكبوتية الشفافة في التلاشي.. حاولت مرات تتبّعه خلسة, لكنني لم أكن لأجرأ على أكثر من الرغبة كنت أخشى أن تلتقي عيناه بنظراتي المتسربة عبر النافذة فيترصّدني.. كنت أخشاه و أتحرّق فضولا, وحين أمرّ بجانبه أشتهي أن أسأله, لكنّ نظراته كانت تخيفني..

كان أزرق الملامح, مرّ التقاسيم, وفي عينيه يتوهّج مكر غريب, يرتدي شتــــاء و صيفا –كدرونا- رماديا مهترءا وحذاء عسكريا باليا, في طريقي إلى المعهد كنت أراه يبحلق في المارّين بإصرار مقيت, فأستعيذ باللّه منه و أقرأ المعوّذتين وأسرع الخطو.

صباحا يخرج الناس من بيوتهم كالنمل[ يعجبني التشبيه, فأتخيّلهم نملا بستـة أرجل و قرنين] يركضون من مكان لآخر, يتزاحمون في (حانوت) ’’الهادي الجربي’’, يشترون الخبز و الحليب, ويشتري المترفّهون أشياء أخرى, يتزاحمون في الشوارع و في المقاهي و في المراحيض العمومية و في المحطات الرديئة و في الحافلات التي لا تحفل بأحد.

الحافلة رقم ثمانية و عشرين تزعجني, تغصّ بجحافل النمل. من خلال الزجاج الذي تراكم عليه الغبار و بخار الأنفاس الخانقة لا أستطيع أن أرى سوى أشباح منازل هزيلة و أشجار شاحبة و بغيضة, تقف قربي نملة بيضاء ترتدي فستانا ضيقا أحمر وتضع أحمر شفاه أحمر و طلاء أظافر أحمر وشعرا مستعارا أحمرا وحذاء.. أخضر, كرهت اللون رغم براءته, كرهت الرجل النملة الذي لم يخجل حين أدرك أنني أترصّد حوافره التي تتلمس ردفها بلذّة باردة مقرفة.

كنت في الحافلة رقم ثمانية وعشرين. كنت في صندوق نمل محارب. نظرت إلى ساعة يدي الرخيصة, كانت السابعة و النصف بقيت أمامي ساعة على الأقلّ قبل ابتداء الدرس.

تمشيت في الشارع الغارق في صباح خريفي بارد و كئيب. رأيت رجلا يعرج فتذكرت أعرج الحيّ.. سرت على الجادّة [لم يكن السير سهلا لأنّه كان عليّ أن أقفز من حين لآخر – تماما كالضفدع- كي أتفادى الوقوع في الحفر المليئة ماء أسودا و التي تركها عمّال البلديّة المواضبين جدّا تخليدا لذكرى مرورهم], قررت أن عليّ أن أشغل ذهني الخامل بالتفكير, اخترت اسما للأعرج, كان اسما قبيحا, يناسبه, سأدعوه ’’الخضري الميزوري’’.

لم أنتبه إلى حجر ناتئ, تعثرت و تمزّق الحذاء. لعنت الصباح المقرف و ’’الخضري الميزوري’’ القميء. و انحنيت أتفقد الحذاء, لامس شعري الطويل جدّا و الجميل جدّا و المزعج إلى حدّ الغثيان بركة صغيرة من المياه الآسنة, قال أحدهم كلاما نابيا وهو يتعمد أن يتعثّر بي فتلامس يده عجيزتي الهزيلة التفت لأسبّه, لكنه كان قد ابتعد وبردت رغبتي في الشجار.

نهضت, نفضت التراب عن يدي و الماء عن شعري.. و اجتزت الطريق, عادة لا أحبّ أن أرى أحدا في الصباح, حين أخرج من البيت أظلّ أدعو الإله كي لا ألتقي صديقا أو صديقة… في الصباح لا أحبّ أن أتكلّم, أكتفي بالنظر, أنظر إلى كلّ ما يدور حولي بصمت بارد.

كان الصباح باردا و كئيبا, ينذر بيوم رمادي له لون ورائحة و مذاق متعفّن, حذائي يسرّب الرطوبة و البرودة و الحصى- كلّ الظروف تآمرت لجعلي أشعر بالكآبة- أحسّ أنّ شيئا باردا و لزجا و مقرفا سيحصل.

… لماذا ينظرون إليّ بكلّ هذا الإصرار ؟ هل أنا قبيحة جدّا ؟ هل بقي بعض من المخاط على أرنبة أنفي الكبير ؟ هل يوحي شحوب وجهي و هزالي عن إصابتي بالسيدا ؟ هل أنا مختلفة ؟…

مددت يدي إلى حقيبتي أبحث عن نصف المرآة, عينان غائمتان تحيطهما هالة زرقاء, عينان مقرفتان بلون أخضر غبيّ. أكره هذا اللون أتافه, نفس اللون المعاد لأوراق أشجار تافهة تنام بميوعة على الجادّة المبللة بمطر حزين و بول كلب أجرب.

وصلت إلى آخر الشارع العريض. تنتظرني نصف ساعة أخرى من التسكّع, سأحاول أن أدخل الصفّ بعد الجميع, لو وصلت باكرا فسينظرون إليّ, تلتقي عيوننا في لمحة خاطفة فيبصرون نظرتي الـ . .. و يهزون رؤوسهم الثقيلة في تحية الصباح, حينها عليّ أن أفتح فمي, أدخل الهواء عميقا في رئتيّ, ألفظه بطيئا مع حروف تتلاصق في قرف و عندها سيعرفون.

هذه الأيام لا رغبة لي في الحديث, الكلام يزعجني, مجرّد التفكير في عملية النطق يصيبني بالغثيان, ربط المعاني و الحروف يسبب لي ألما غريبا, نزيفا في الأفكـار و الذكريات التعيسة.. لا أحبّ أن ينظر إليّ احد ... أعتقد أنني سأعود للبيت.

أمي في المطبخ تريدني أن أساعدها, تصلني تذمّراتها ممزوجــة برائحة البصل و موادّ التنظيف أقترب منها, أحاول ألا أقترب كثيرا, أشتهي أن أقبلها. أخشى أن تطلب مني تهريس الثوم أو غسل الأواني, أخشى أن تسألني عن سبب عودتي المبكرة, حينها سأضطرّ إلى الكذب. لا يزعجني أن أكذب, ما يزعجني حقّا هو أنني سأضطرّ إلى فتح فمي. تقول أمي إن الأعرج يضايقها بتلصّصه المفضوح, أجيبها بأنّه "الخضري الميزوري" فلا تدرك العلاقة.

سريري كما تركته في الصباح و كما كان أمس و أوّل أمس و منذ شهر ربما-منذ متى لم أغيّر لحاف السرير-.. نزعت الحذاء الممزّق فبرزت الجوارب الرّطبة المهترئة, نزعتها, نظرت إلـــى أصابــع أقدامي القذرة, تكاسلت عن غسلها و أدخلتها بنزق تحت الشراشف. لم أنم, ضجيج الشارع يكاد يخرجني عن الصواب. أتساءل عن الفرق بين النوم في غرفة و النوم في وسط الشارع.

أرضية الغرفة اكتسحتها أوراق أختي, أوراق كثيرة- أغلبها أخذته خلسة من عندي- عليها خربشات مهووسة مزعجة, أرقام غبيّة لا نهائية أغنية "موعود" لعبد الحليم حافظ, و أشياء أخرى… أحمل بصري في قرف إلى السقف. عنكبوت صبور ينسج بيته ما بين خيط الكهرباء و الزاوية. أتململ في الفراش أمسك دفتري, أحاول أن أكتب شيئا, لا يسطّر القلم غير سطر محشرج طويل. أغلق الدفتر أعيده إلى الحقيبة. أمسك نصف المرآة لأنظر في وجهي.

أراني أخرج من الغرفة, أتلصص من النافذة, أبصر "الخضري الميزوري" لا يتعب من التجسس العلني, تمرّ نسوة يرتدين (السفساري) يتبعهنّ بعض الصبية الوسخين كالخنانيص, يتعثّر خنّوص سمين, يقع ينهض باكيا و يلحق البقية, تلاحق القطيع نظرة السيد المحترم "الخضري الميزوري" الثقيلة و الباردة.

أرتدي ثيابي على عجل, أقبّل أمي و أخرج, إلى أين يمكنني الذهاب في هذا اليوم البغيض. أريــــد أن أرى شيئا مغايرا. ليس لي أصدقاء, فقدت البعض و انسحب البعض الآخر, ولا أريد رؤية أحد.

قادتني خطواتي العجلى إلى المدينة العتيقة, قطط مقرفة تحتفل حول كومة زبالة, يشاركها مرحها البغيض كلب أعور و الكثير من الذباب, أستغرب هذه الألفة الغريبة, سائح يرتدي تبّانا فضفاضا و حذاء رياضيا, كان قليل شعر الرأس, تلتمع جلدته المصهودة بالشمس في زقاق معتم, كان يقبّل سائحة سمينة ترتدي شبه ملابس.

مرّ بجانبي عجوز, وجهه حفنة تجاعيد عجنت بشعيرات بيضاء كالإبر, وفي عينيه قذى, يرتدي جبّة سمراء و "بلغة" صفراء و يحمل في يده المعروقة جريدة مطوية, قال لي وهو يجهد في بسط تعاريج الزمن على وجهه: "آه يا كبدي لو كان نرجع صغير", بصقت عليه في سرّي, أحاول أحيانا أن أنسى أنني أنثى. إلا أن هنالك دائما من يجد متعة دائمة في تذكيري بذلك.

حين مررت قرب المقهى بعث لي رجل يعتمر "شاشية" تآكلت أطرافها و امحى لونها قبلة هوائية تلقيتها بقرف إلى جواره كان يجلس رجل خمسينيّ ذو كرش منبعجة ترقد قرب فنجان قهوة فارغ على الطاولة و كانت أسنانه النّخرة تترك رذاذا من البصاق الخاثر يسيل في خيط متقطّع على صدره و ينحدر على قميصه الأزرق ليستقرّ فوق الكرش العظيمة في حين تغمز لي عينه اليمنى بإصرار فجّ.

إعترضني شابّ عشرينيّ, مرّت عجوز بسرعة صوت إرتطام مزلاج بخشب باب قديم, صياح طفل مواء قطّ حزين. توقّف أمامي, سدّ عليّ النهج الكئيب, كانت سماء الخريف تخفي وجهها الشاحب خلف بعض الغيوم التافهة. فتح السحاب وأخرج شيئا بغيضا وقال كلاما بذيئا. تراجعت قرفا. ركضت في النّهج المظلم.

أحبّ هذه الأنهج المبهمة, تضعني دائما في الاختبار, أغيّر الاتجاه قليلا فأكشف عوالم جديدة يفصلها عن بعضها زقاق أو نهج مظلم, و كأنني السندباد يبحر في أنهج المدينة العتيقة.

فتحت "خياشيمي" أستنشق عبق التاريخ فأدمعت عينيّ راحة بول قديمة, طنّت ذبابة هرمة قرب أذني. لم أفهم ما قالته العجوز. كانت تتلفّع بسفساري رمادي, يتدلّى من يدها سوار فضّة مسودّة, يدها الممدودة سوداء ناحلة, أظافرها سوداء ووجهها أسود. كانت تمدّ لي يدها, كانت تتوسّل أو ذلك ما اعتقدته.

كان وجهها الخنفوسيّ صارما وهي تمسكني بيديها كالأحمق[عليّ أن أقول كالحمقاء إذ لا بأس من التذكير بأنني أنثى, فلو كنت شيئا آخر رجلا مثلا لما استطاعت المرأة الخنفوس اختطافي].كلّ ما أذكره عن الطريق كان قطّا هزيلا ينتظر الموت بقرف عند جدار تاجر و قد أغمض عينيه إعياء.

لم يخطر ببالي أنّ كونا آخر ينتظرني خلف باب جانبي في زقاق مظلم, انتهيت بفضل دليلتي (الخنفساء) إلى فناء ضيّق تنعكس فيه بذبول بقايا شمس خريفية أصابها الرّمد. في الزاوية اليمنى قرب المدخل تجلس امرأة بلا عمر محدد تدخّن سيجارة تحتضر. ماء خلفي قطّ بليد بصوته الممطوط. دفعتني آسرتي إلى غرفة جانبيّة و خرجت. زكمتني رائحة تشبه الموت, كانت الغرفة باردة و معتمة, صدى الصمت يقرع الجدران المهترئــة, صمت مضطرب يوحي ببدء حفلة غير مألوفة, و شيئا فشيئا خفّت العتمة و بدأ النور يوضّح الموجودات.

كنت وسط بلاط مهيب, سجاد قيروانيّ مزركش ينام في دعة على طـول المكان و عرضه, أعمدة من الرخام و المرمر السود تحيط المكان, ستائر حرير و دمقس. طنافس, تحف, صورة مهيبة "للقديسة مادونا" وهي تعمّد النبيّ ذو المكاييل جاكسون بريشة الفنان "دافينشس أنجلو" مقاعد مريحة من أثاث الهناء, قفص فيه طاووس من ذهب و فضّة و زمرّد و عاج و فيروز, مراوح ريش يمسكها صبيان بحلل سندسية و استبرق, نساء حسان و غلمان, و أشخاص تبدو عليهم النعمة.

كنت وسط المجلس المهيب و لم ينتبه أحد لوجودي فتحركت بخفة و حذر حتّى لا يلحظوا وجودي و اتجهت إلى ركن قصيّ حيث أرى دون أن يراني أحد, جلست على وسادة من مخمل أزرق, لم ينتبه لوجودي أحد [يبدو أنني أصبحت بعد الاختطاف كائنا لا مرئيا أو مخلوقا مجهريّا].

يتوسط المجلس شاب عشرينيّ يترقرق النور عليه و قد ارتدى جبّة بيضاء لا يشوبها خيط أسود, و إلى يمينه جلس رجل مهيب الطلعة تزيّن وجهه لحية بيضاء و لا يشينه شيء و لا حتّى رجله العرجاء, و في المجلس أمراء, ورجال دولـة و سفراء و كتبة, و أصحاب دواوين, وجند, ورجال شرطة, و سفـــراء و علماء و شعـراء و قضاة و تجّار و أصحاب حاجات, و رحّالـــــة و أطبّــاء و وجهاء و أثرياء و لصوص و مبشـرون و منــــذرون و فقراء و متسوّلـــــون و قتلة, و فجّار و قوّاد و منظّرون و نقّاد و متكلّمون باسمهم و متكلّمون بإسم غيرهم و متكلمون بإسم الأحزاب, و متكلمون بلا تسمية, و وصوليون, و خبثاء, و مجانين, و عقلاء, [و أنا طبعا] و غيرهم.

و كان يقوم على خدمة الجميع فتيات أنيقات جميلات يفحن عطرا و ينضجن سحرا يرتدين ما يستر بمقدار و يكشف بمقادير.

وقف الرجل الأعرج ذو الطّلعة المهيبة و أمر الجميع بالسكوت و الانتباه و خاطبهم قائلا: "بإسم الملك العزيز علينا أدامه الله لنا و للوطن أفتتح أنا الوزير ابن الوزير المكنّى بالخاضريّ بن مازر بن كلامه هذا الحفل البهيج.." و ما إن أتمّ الوزير كلامه حتّى هجم الحاضرون على الجواري, أوقفوهنّ في صفّ طويل و أنتقى كلّ ما طاب له من الإناث, و بدأ الرقص يشتدّ مع ضربات الطبول التي يقرعها الغلمان. و أخذ الجميع في العزف و الرقص و الغناء.

بدأ الملك يعزف على دفّ صغير, ينقر نقرات سريعة متحفزة تتلوها أخرى أشدّ سرعة و أقوى وقعا حتى كأنّ الأعمدة بدأت ترتجّ, ثمّ بدأت الألحان تنبعث من كلّ ركن فأخرج الخاضريّ بن مازر بن كلامه ساكسفونا و صاحب الشرطة مزمارا و الطبيب هارمونيكا و القاضي عودا و الشاعر طبلا و المتشاعر إناء طبخ إتخذه طبلا و الرحالة عودا و بقية الحضور يصفقون و يصفّرون و الكلّ يغني و الجواري بعد أن نزعن كلّ رداء يرقصن رقصة البطن و الأفخاذ, وغرق المكان بالعرق.

و كنت في ركني القصيّ أعاني صداعا مؤلما يشقّ رأسي إلى نصفين, أغمضت عينيّ برهة ثمّ فتحتهما فألفيتني وحدي و قد غاب الجميع و تحولت الجدران إلى مرايا كبيرة و أخرى أصغر منها بكلّ الأشكال فمنها المستطيل و المربّع و المعيّن و شبه المنحرف و السداسي الأضلاع و الثماني و غيرهما من الأشكال المضلّعة, لكنني لم أستطع أن أرى نفسي في المرايا, يطالعني في كلّ مرّة وجه غريب ينظر إليّ تكاد عيناه تشتمني, تبصق عليّ, تنتف شعري و تقتلع عيناي. لماذا كلّ هذا الحقد في العيون, لست مسؤولة عن حبسها في مرايا باردة.

خيّم صمت مقيت على المكان. أطبقت جفوني بشدّة لكن نظرات المرايا الباردة تسرّبت إليّ تحدّق بي من خلال الظلام تسخر من تفاهتي و تقزّمني, نظرات نساء كريهة, عيون بكلّ الألوان تبدو أخّاذة أفكّر أنّها ربّمـا تكــون عدسات لا صقة ورموش مستعارة و كحل و ظلال, عيون باردة خاوية فجّة بلا ذكاء بلا معنى و لا تاريخ.

أفتح عينيّ من جديد فلا تقابلني سوى عينين بلون شجر الطريق و قد سقطت أوراقه على البلاط المبلل برذاذ الخريف تنظر إليّ من خلال نصف مرآة تآكلت فضّتها و وشّتها العتمة المطلّة من خلال الثقوب الدقيقة.

نهضت من السرير و توجهت إلى النافذة, فتحتها فدخلت رائحة المطر اللذيذة تغسل شعوري المنهك و تجدد إحساسي, كان "عم الخضري الميزوري" قاعدا على عتبة الجامع يمدّ رجله العرجاء أمامه و يراقب بعينيه الشبيهتين بثقب آسن امرأة ملتحفة (بسفساري) و لا يظهر منها سوى عين واحدة, كان يراقبها و قد انفرجت شفتاه الزرقاوان عن ابتسامة قبيحة تبرز أسنانا نخرة سوداء, ابتعدت عن النافذة و أنا ألعنه في سرّي, ألن يدعني بسلام أهنأ حتى بأحلامي وكوابيسي ؟.

روضة السالمي  

تونس 6/1996

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق