18‏/5‏/2015

جسر، ثلاثة ريشات، وضفدع

جسر، ثلاثة ريشات، وضفدع – روضة السالمي

تمرّ تحت جسر حديدي صدئ ركد فوقه الماء.


تقول في سرّك ماذا لو. فيتحقّق ذلك الـ"لو" .


تجرفك أطنان من حديد وماء آسن إلى حفرة انكشفت تحتك فجأة.


وفي سقوطك المحتوم نحو الظلام ترى شعاعا من نور. وتمتدّ نحوك يد فتمدّ إليها ما تبقى من شمع إصبعك.


تجد نفسك في حضن امرأة من حجر. فتفتح فمك مطيعا كفرخ إوز. وبملعقة كبيرة من خشب تلقمك سائلا من جير وعصارة من لهب. تشعر بالشبع فيسقط على بطنك المكوّرة رأسك الصخري.


يخرج قلبك من صدرك. وينبت له جناحان. يحاول التحليق فيعيقه نسر وثلاثة صقور.


 يتنازع عقابان ما بقي من لحمك المتهرئ المصلوب على بقايا جسر حديدي صدئ.


و يمرّ الماء فوق بقاياك فيمحوها. .


لم يبق إلا أنت.


فقد ترك قلبك ثلاثة ريشات بيضاء قبل أن يغوص في بطن ضفدع أخضر ظهر في المشهد فجأة. أخرج لسانه الدبق من الحفرة الآسنة بسرعة خاطفة ثم قفز بعيدا فرحا بالقلب المنزوع ريشه فيما تلاحقه لعنة الطيور الجارحة.


لا تمرّ تحت جسر أبدا.


آمل أنك عرفت الآن السبب.



13‏/5‏/2015

حكاية فقاعات الصابون التي تطايرت في الجوّ ولامست السحاب


قررت قطعة الصابون الصغيرة الخروج، فانزلقت على الحوض وتسلّلت من النافذة.
كانت شمس الخريف تحاول أن تبتسم بلطف وسط غيوم رمادية.
في البداية استمتعت قطعة الصابون بالدفء، رغم خوفها من تشقّق بشرتها الناعمة.
وعندما نزلت أولى قطرات الغيث، قضت وقتا رائقا في نفخ الفقاعات.
ومع حلول المساء، كانت السيول المتدفّقة قد جرفتها تماما.
"هل تقنعك هذه الحكاية، أم تفضّل أن أخبرك أنني أقرضت قطعة الصابون إلى أمي كي تغسل بها ثيابها المتسخة منذ أشهر؟"
هكذا أجابت المرأة زوجها البخيل، العائد لتوّه من الصيد، والذي أصرّ على معرفة سرّ اختفاء قطعة الصابون التي اشتراها منذ أكثر من نصف سنة.
وكانت تلك آخر حكاية تحكيها، إذ تطايرت أشلاؤها في الجوّ ولامست روحها السحاب.

روضة السالمي
13 ماي 2015