2‏/10‏/2012

لون الفراشات

جعله وقع هطول المطر يستفيق من نومه. أنار المصباح قرب السرير. أشارت عقارب الساعة إلى العاشرة والنصف. بقي هامدا للحظات ليتأكّد من أنه ليس يحلم. 
كانت تمطر بغزارة. لم يستغرب ذلك، فقد كان الفصل شتاء. غير أن إحساسا مبهما وغامضا دفعه للانقباض. بدت له قطرات المطر الغليظة المرتطمة بالسقف، والجدران، والنوافذ، وإسفلت الشارع، وكأنها صوت صراخ مكتوم. 
تلفّت حوله. كان كلّ شيء في موضعه. غير أنّ صوت دقات الساعة المنبّه اختفى خلف وقع نقاط المطر الغليظة. أطفأ المصباح. تكوّر على نفسه تحت الغطاء. وسريعا ما غلبه النوم. 
 استيقظ صباحا في وقته المعتاد. تمام السابعة. عاودته ذكرى ليلة البارحة. عاوده الإحساس بالانقباض. فكّر بأن عليه أن يرتدي معطفه السميك. فتح خزانة الثياب، فخرجت، دفعة واحدة، مئات الفراشات السوداء. 
اصطدمت به في طيرانها. فسقط على الأرض مذعورا. امتزجت دقّات قلبه مع احتكاك أجنحتها. بالكاد استطاع الوقوف. حاول الهرب. لم يستطع أن يصل إلى الباب. فقد غطّت مئات الفراشات السوداء وجهه. دخلت في عينيه وفمه وأنفه وأذنيه. اكتسحت كلّ نقطة في جسمه. كلّ شبر في الغرفة. وكامل سمائه. 
روضة السالمي – مجموعة أبعد من اللون