24‏/6‏/2011

عندما يعشق الجبار الثريا


كان يا ما كان، كان في قديم الزمان عملاق جبار يعيش باليونان اسمه أوريون. وكان الجبار يعيش في كهف كبير، يخرج كلّ يوم للصيد بمساعدة كلبيه الوفيين. وكان يجاوره في السكن عملاق اسمه أطلاتني، يعيش مع زوجته وبناته السبع، وهنّ الثريا.

وفي أحد الأيام، خرجت إحدى البنات السبع واسمها ميروبي للتمتّع بدفء الشمس، فرآها الجبار أوريون، فشغف بجمالها ووقع في غرامها، وبادلته هي نفس الشعور. وفي غفلة من الأب الذي كان يريد تزويجها من عملاق ثري آخر، كان الحبيبان يمضيان أوقاتا سعيدة. وذات يوم التقى الأب أطلانتي ابنته ميروبي مع الجبار أوريون، فاستشاط غضبا، وليمنعه من رؤية ابنته مجدّدا، أجبره على احتساء شراب أفقده البصر.

وقال أطلانتي للجبار:
-         لكي تسترجع نظرك، عليك أن تبصر نور الفجر.. فامض في طريقك حتى يلوح لك، وعند عودتك، عليك أن تصارع كل الوحوش التي تعترض طريقك، وعندما تنتصر عليها سيكون في مقدورك رؤية ميروبي مجدّدا...
وكان أطلانتي مقتنعا بعدم قدرة الجبار على النجاة من هذه المغامرة. غير أن الجبار، المندفع بعاطفة الحبّ الجياشة، قرّر السفر إلى حيث تشرق الشمس. واستعان بابن صديقه، فحمله على كتفه ليرشده في رحلته. انتصب الطفل مليا على كتف الجبار، ودلّه على الطريق إلى أن لاحت له ألوان الشفق الخلابة وارتدّ بصيرا.

وفي عودته لموطنه، اعترض طريقه أرنب بري وثور وحشي، فتغلّب عليهما. وعندما أوشك على الوصول إلى كهفه لسعته عقرب في قدمه لسعة مميتة. ولمّا أحسّ الجبار بدنوّ أجله، طلب من زوس، كبير الآلهة، أن يحوّله إلى كوكبة نجوم حتى يتمكّن من رؤية حبيبته ميروبي. فلبى زوس طلبه، رأفة به. وعندما بلغ الأمر ميروبي، طلبت بدورها من زوس أن يحوّلها هي وأخواتها إلى نجوم، احتجاجا على والدها، ولتكون قرب حبيبها أوريون، فاستجاب لها زوس. وحوّل كلبي الجبار، وكلّ الحيوانات التي اعترضت طريقه بعد أن أبصر نور الفجر.
ومنذ ذلك العهد، يمكن لسكّان شمال الكرة الأرضية، في الليالي الصافية، أن يروا الثريا منهمكة في تأمّل الجبار مع كلبيه الوفيين، وهو يشدّ قوسه، وغير بعيد عنه الأرنب البري والثور الوحشي. أما برج العقرب، الذي قضى على آماله، وحطّم قلبه، فلا يظهر معه أبدا، فإذا ظهر أحدهما، اختفى الآخر.
روضة السالمي
تونس، جانفي 2011