5‏/3‏/2012

أحمر شفاف

في خلسة من الزمن ضج الصمت بالكلام.. ولبست السكينة كفن الحركة.. وحين رفضت السماء المختفية خلف جدرانها الهشّة سماع همس الأنين.. ارتدى جسمه وخرج عاريا إلى الشارع..
لم تمطر بقايا الغيوم الآبقة في الأزرق المتناهي.. وما هطلت على الإسفلت غير حمرة الروح النازفة.. وقبل أن يكمل عامه الثالث والعشرين، اخترق جسمه الشفاف الفائر شيء صلب، اسطواني الشكل.. فسقط على إسفلت الشارع.. سعيدا بألمه وبالأحمر الذي يتوسّطه بياض تتعانق فيه الكواكب والنجوم..
تسارعوا من حوله.. تجاذبوا جسمه المثقوب لدفنه في اسفنجة انتماءاتهم.. هو الذي ما خرج عاريا من خوفه ومن التاريخ المختنق بصمتهم من أجلهم.. كالآلاف مثله كان، كيانا بسيط الأمنيات.. يستعمل مثبّت شعر.. يحب استعمال التكنولوجيا.. يتحمّس لمباراة كرة قدم.. وقد يحفظ للمتنبي أكثر من ثلاثة أو أربعة أبيات.. وتتبدّى علاقته باليسار واليمين عندما يريد اجتياز الطريق.. تكاد تنحصر طموحاته في ثلاثة أشياء: أن يكون إنسانا يسير منتصبا على قدمين، أن يعود من العمل بلعبة لطفل قد يأتي، وأن يكون له بيت ركنه حجر وسقفه من حديد.
روضة السالمي
من مجموعة "أبعد من اللون"