5‏/1‏/2015

ورقة توت


غزيرا ينهمر المطر. وقعه الحاّد على أوراق شجرة التوت الكبيرة يدخل من النافذة الوحيدة في الغرفة الصغيرة. يكره شجرة التوت الكبيرة التي تسكن في الحديقة.. ملايين الديدان ترعى أوراقها.
غزيرا كان المطر. يقضم الإسمنت كما يقضم الدود ورق الشجرة. أحكم شد الغطاء من حوله. غطى رأسه بالوسادة. ضغط جفنيه. كتم أنفاسه.تخبّأ في جلده. ملايينُ الديدان تقرض سمعه بأنفاسها الماطرة. دقّات القلْب المُبَلل ريشه تُردّدُ صداها الوسادة. يراها. تجتاحُ الجدران. تقضمُ السطْحَ. تَلْتَهمُ الإسمنت المُسلّحَ. تُطلُ عليه من زجاج النافذة. تزحف نحوهُ. من ثقب الباب تزحف نحوه. تكتمُ صوْته. تجْثمُ فوقه. تدخلُ أذُنيه. تقتحم جفنيه. تـسْري في فُتحتيْ الأنف والأذنين. تدخل فمه. تتسلّل إلى دماغه.
بال بغزارة على اللحاف. يكره أن يبلّل سريره. بوْلهُ عُصارةُ ديدان. ومن العُصارة ينبت دود جديد. يجتمع كلّه في دودة واحدة. دودة ضخمة. ترقد جنبهُ على السرير. تقاسمه الغطاء. غطاؤه ورقة توت بلّلها المطر. . يصبح دودة كبيرة.
على السرير تنام دودتان. تتعانقان. تتنفّسان ورق التوت العفن. تلْتهمه الدودة بهدوء. يصبح في بطن الدودة. حبّات المطر تُلْصق جبينها بزُجاج النافذة. ترعى أحلام جذْع التوت الذي يقضم أوراق الدودة. 
 
أبعد من اللون - روضة السالمي- تونس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق